Saturday, April 28, 2012

حلم يقظة عربي من طوكيو

بكيبورد أماني أبوقديس

ياباني يتذمر ويشكو لصديقه :"لماذا نحن اليابانيين دائماً هكذا ؟ متأخرين عن ركب الحضارة ، لا نعرف الإخلاص في العمل ولا إحترام الوقت؟! ليتنا على ولو 10% من حال إمبراطورية العرب المتحدة!
 

أنظر إلى الشعب العربي المثقف الذي يقدس المعرفة والوقت ..تراهم جميعاً في وسائل النقل ممسكين بالكتب ومقبلين على القراءة حتى يستغلوا أبسط دقيقة من وقت المواصلات. فعلاً أمة إقرأ! 

البارحة كنت اركض داخل الجامعة لأنني تأخرت عن محاضرتي عند دكتور تاناكا فلاحظت أن الطلاب كانوا يسخرون مني لأنني اركض! ......يجب أن نجد حلاً لثقافة العيب لدينا في اليابان! فقبل أيام عندما علم ابي بعزمي على شراء دراجة هوائية لتوفير تكاليف المواصلات إلى الجامعة وبخني!وقال (هل تريد أن يعتقد الجميع أن عشيرة يامادا الأصيلة ليس لديها نقود لشراء سيارة لأبنها !؟المهندس!!  هل تريد أن تجعلنا حديث الناس! ) ..
هذا ما قالته لي أمي أيضاً عندما أخبرتها عن عزمي للعمل في غسل الصحون في أحد المطاعم لتوفير مصروفي الخاص ..
في بلاد العرب هناك ، معظم طلاب الثانوية من ذكور واناث يأمنون جزء من مصروفهم بنفسهم من خلال عملهم بدوام جزئي في المطاعم و المحلات التجارية والمكتبات .. و عندما يصبحون في الجامعة فإن الجزء الأعظم من مصروفهم يحصلونه بأنفسهم .. لدينا هنا الشاب والشابة يبقيان أطفال أهلهما حتى العمل أو الزواج !  

دور العبادة لديهم ! يستغلونها كمنارات للعلم ومنابر لتثقيف عامة الناس بمختلف أنواع العلوم الحيوية والفيزيائية والفلسفية وغيرها .. أعتقد بأن هذا هو سبب المستوى العالي من الثقافة لدى العربي مقارنةً بنا نحن اليابانيين .. أما شيخ المعبد البوذي في الحي الذي أسكن به أمضى ساعة في خطبة يسب ويلعن فيها جميع متبعي ديانة الشينتو ووصفهم بالكفار والزنادقة لعدم ايمانهم ببوذا ! نسي شيخنا أن إحترام الآخر من أساسيات البوذية ! 

حياه المسنين وذوي الإحتياجات الخاصة في البلاد العربية ميسرة جداً .. يكاد ينعدم أي سبب يؤدي إلى صعوبة الحياه بالنسبة لهم .. فكل الطرق والشوارع والمرافق العامة مصممه لتكون مناسبة للجميع . حتى أن الكفيف يستطيع قضاء كل حاجاته بنفسه من غير مساعدة أحد. فالطرق مجهزة بمسارب خاصة للمكفوفين ذات بروزات محددة يتعرف عليها الكفيف بالمشي عليها  .كما أن جميع  المرافق العامة كالمصاعد ومداخل القطارات و الحمامات مجهزة بكتابات بنظام بريل للكتابة. إشارات المرور للمشاه أيضاً مجهزة بنغمات صوتية تحدد إن كانت الإشارة حمراء أو خضراء. أيضاً في محطات القطار ، هناك إعلانات صوتية مسجلة تدل على وجود سلم أو مصعد وإلى أين يؤدي مثلاً "هنا السلم المؤدي إلى خط الثورة المتجه إلى تونس". وعندما يكون هناك أحد من مستخدمي الكراسي المتحركة فإن موظفاً من شركة القطارات دائماً يكون معه حتى يساعده في دخول القطار.  نحن للأسف في اليابان إذا -لا سمح البوذا - أصبح أحدنا ضريراً أو كبيراً في السن انتهت حياته وأصبح عالة على المجتمع ..                 

وسائل النقل وما أدراك ما وسائل النقل في بلاد العرب!  هل سمعت عن الباص السريع الطائر الذي يبدأ من عمان في الأردن و يربط كل المدن العربية من الشرق إلى الغرب في أقل من ساعتين بمواعيد دقتها تحسب بالثواني!حتى أنه يقال أن وسيلة المواصلات المسماة بالتاكسي انقرضت تماماً   ..   أما نحن في اليابان فمشروع القطار للربط بين شيبويا وشينجوكو في طوكيو نفسها لا يزال قيد التنفيذ منذ 5 سنوات وهناك إشاعات بأنه متوقف بسبب قضية فساد مالي ..
الأسبوع الماضي اوقفت سيارة تاكسي وأول ما فعله السائق هو أنه فتح النافذة ومنها سألني "لوين ياخي؟؟؟" فقلت له "إلى شيبويا من فض.." ، لم ينتظر مني إكمال الجمله حتى و رد علي أثناء إغلاق النافذة  "ليست في طريقي!" وأكمل "طريقه"! 

أما النظافة فهي قصة أخرى ، هل سمعت خبر تعطيل آخر عامل نظافة عربي ؟  لديهم الشعب مسؤول جداً لدرجة أن وظيفة عامل النظافة لم يعد لها داع !!   هم أيضاً من أقل الدول في العالم إنتاجاً للنفايات وللغازات الملوثة للجو ! فهم يقومون بإعادة تدوير جزء كبير من نفاياتهم لتحويلها إلى منتجات أو أشكال أخرى من الطاقة .. على عكسنا تماماً نحن اليابانيين ، اهتمامنا بالبيئة من آخر اولوياتنا للأسف .. آخ بس بنضلنا طول عمرنا يابانيين وعالم ثالث..

4 comments:

Biraru said...

فعلا اليابان تحتاج لوقت طويل لتلحق بركب التطور العربي ، برأيك هل يمكن أن يساعدهم إرسال خبراء عرب لليابان؟ أم أن المشكلة متجذرة في المجتمع؟

(^_^);

Anonymous said...

مرحبا٠٠٠٠٠
هم من كوكب اخر حتى اميركا واوروبا لا تواكبان تطورهم لذا٠٠٠
من القاسي ان تبدئي بمقارنتنا بذلك الكوكب مباشرة مع ان الفرق بيننا وبينهم ادراة الا اننا نعاني من ضعف ارادة

بالتاكيد كونك تعيشين هناك في ذلك المجتمع المثالي ستكونين على دراية كبيرة بين الفرق في طريقتنا في العيش و طريقتهم ٠٠

على الاقل نحن امة تنام لكنها لا تموت.....

Amani AbuQdais أماني أبوقديس said...

أكثر من مرة ووجهت بكلمة : من القاسي / من غير العادل مقارنتنا باليابان .. أنت بنفسك قلت أن الفرق هو الإرادة ، ونحن نستحق النقد الحاد حتى ، لعدم امتلاك هذه الإرادة مع أن لدينا دين كامل يحث على الإتقان في العمل والإحسان والقراءة والعلم

روان said...

مقالة جميلة جداً (لكنها مؤلمة في ذات الوقت) أنا أوافقك الرأي، لا بد من تشخيص المشاكل والتحدث عنها ليس من باب جلد الذات وإنما بهدف النقد البناء :)